يتم تعريف مرض الربو كمرض انسدادي عكسي (مع نوبات حادة) في الشعب الهوائية. يمكن تمييز ثلاث عمليات رئيسية تتسبب في حدوث نوبة الربو، تشنجات العضلات التي هي جزء من مكونات الشعب الهوائية، زيادة الافرازات والوذمات الالتهابية في المسالك الهوائية. هذه العمليات الثلاث تنبع على الارجح وبالاساس من فرط رد الفعل لجهاز المناعة (انظر ادناه)، وتسبب معا تضيق في مجرى الهواء، مما يمكن ان يؤدي الى صعوبة كبيرة في التنفس، الاضرار بالتهوية، وفي نهاية المطاف ايضا تضر بعمليات الاكسدة وتسبب الموت.
العمليات التي تسبب الربو تاخذ الان حيزا كبيرا من البحوث الطبية الاكثر تقدما، ولكن حتى الان لم يتم العثور على تفسير كامل لهذه الظاهرة. مع ذلك يعرف ان مكونات مختلفة في الجهاز المناعي (بما في ذلك الخلايا البدينة - Mast cell، الخلايا الليمفاوية من نوع T-، خلايا العدلات وخلايا اخرى) تستجيب بشكل التهابي مفرط لمجموعة متنوعة من المحفزات العادية، مثل درجة الحرارة المنخفضة، الفيروسات، الدخان (السجائر والنار)، المواد التي تنبعث من فراء الحيوانات او ازهار النباتات، المواد المنبعثة من الحشرات المختلفة (مثل الصراصير) بالاضافة الى مجموعة كبيرة من العوامل النادرة جدا.
هذه الخلايا تفرز مجموعة كبيرة من المواد الكيميائية المختلفة (التي تسمى الكيموكينات - Chemokines والسيتوكينات - Cytokines) وتكون التهاب، مما يؤدي الى العمليات المذكورة اعلاه.
الربو هو اكثر الامراض المزمنة شيوعا في مرحلة الطفولة، ورغم انه في معظم الحالات يكتشف قبل سن 20، فيمكن لمرض الربو ان يحدث في اي سن. ولا يعرف ما الذي يتسبب في تطور هذا المرض (بسبب وجود فروق كبيرة بين الاعراض المختلفة، فهو على الارجح ينجم عن مجموعة من الامراض)، ولكن من المعروف انه خليط من العوامل الوراثية والعوامل البيئية.
على سبيل المثال، يمكن ان تؤدي الفيروسات المختلفة الى تفاقم المرض، لذلك ينصح المرضى بتلقي لقاح الانفلونزا الموسمية، وكذلك لقاحات لملوثات اخرى في الجهاز التنفسي (مثل المكورة الرئوية - Streptococcus pneumoniae).
ينبغي تقليل التعرض للملوثات البيئية المعروفة بقدر الامكان، بما في ذلك الامتناع عن التدخين وتقليل تلوث الهواء بقدر الامكان. من المهم ان نعرف انه في كثير من الحالات حتى كميات صغيرة جدا من المواد الموجودة في دخان السجائر، على سبيل المثال عندما يدخن احد الوالدين خارج المنزل لكنه لا يغير ملابسه ويحمل الطفل على يديه، فيمكن لذلك ان يسهم في حدوث نوبة الربو.
ينبغي على المرضى الانتباه وتسجيل التعرض للمحفزات المختلفة (هل تظهر النوبات في فصل معين من السنة، في مناطق جغرافية معينة، عند التعرض لمواد معينة، وما الى ذلك)، ويوصى باجراء فحص الحساسية لكشف مسببات الحساسية الشائعة (الفحص الجلدي لدى طبيب الجلد) في محاولة لتحديد العوامل المحددة لكل مريض ومريض وتفاديها. نوع فرعي من مرض الربو يدعى الربو المهني والذي يحدث بسبب التعرض للملوثات في مكان العمل، ويعرف بانه عرض انسدادي في مجرى الهواء فقط في مكان العمل. مجموعة متنوعة من الحالات الاخرى، مثل الضغط النفسي، الهواء البارد جدا والنشاط البدني العنيف، قد تسهم ايضا في حدوث النوبة الحادة.
في حين ان اعراض نوبة الربو الحادة عادة ما تكون صعوبة في التنفس، التنفس السريع جدا، الميلان الى الامام وصعوبة التكلم، فمن المهم ان نتذكر ان مرض الربو يمكن ان يعبر عنه بمجموعة متنوعة من الاشكال الاخرى. في جميع الاعمار هناك نوع فرعي من الربو الذي يعبر عنه بالسعال فقط، وكل سعال مزمن (لاكثر من ثلاثة اشهر) يتطلب فحص الربو. لدى الرضع والاطفال الصغار فان الاعراض تكون اكثر تنوعا، وغالبا ما يكون التشخيص الاولي هو التهاب القصيبات Bronchiolitis)).
مرض الربو وعلاجه:
في السنوات الاخيرة كان هناك تقدم كبير في فهم مرض الربو وعلاجه القائم على الادلة (EBM). ينقسم العلاج الى علاج النوبة الحادة والعلاج المزمن.
العلاج المزمن – مبني بشكل متدرج، بحيث ان الهدف الاولي هو خفض مستوى نشاط المرض (الذي يحدد بواسطة معايير مختلفة، خاصة وتيرة النوبات وشدتها). اذا لم تحقق السيطرة على النحو المطلوب، فيمكن اتخاذ خطوة اخرى (اضافة الدواء)، واذا كان هناك سيطرة جيدة على الوضع لاكثر من ثلاثة اشهر فيمكن التفكير (ولكن فقط بالتشاور مع الطبيب) للعودة الى المرحلة الاولى. الادوية الرئيسية المستخدمة لتحقيق التوازن في الربو المزمن هي الاستيروئيدات عن طريق الاستنشاق (بوديسونيد - Budesonide)، موسعات القصبات قصيرة الاجل (الفينتولين - Ventolin وايبراتروبيوم بروميد - Ipratropium Bromide) وطويلة الاجل، حاصرات الليكوترينات (Leukotrienes)، ميثيل زانتين (methylxanthine)، وفي الحالات الاكثر حدة الاستيروئيدات عن طريق الفم (بريدنيزون - Prednisone).
العلاج الحاد – في النوبات، يتم تعريف النوبة وفقا للاعراض الخاصة لكل مريض، والتي تنطوي عادة على ضيق كبير في التنفس، سرعة التنفس، احتباس الهواء، عدم القدرة على الكلام، وانخفاض في القيم الفسيولوجية (هناك جهاز يوصى به لرصد هذه القيم ويسمى جهاز قياس قوة التنفس - peak flow meter). النوبة التي لا تستجيب على الفور للجرعة المعتادة من موسعات القصبات تستلزم الوصول الى غرفة الطوارئ / الاستشارة العاجلة من الطبيب. من المهم جدا ان نفهم ان رد الفعل الالتهابي الذي يسبب مرض الربو يقسم الى قسمين: رد الفعل السريع (يصل الى ساعتين) ورد الفعل المتاخر (يمكن ان يعبر عنه لاحقا بعد 8-24 ساعة). لهذا السبب، حتى اذا كان هناك تحسن في الوضع التنفسي، فيجب الحصول على المشورة الطبية المؤهلة في اقرب وقت ممكن، لانه في معظم الحالات يكون من الضروري تلقي علاج الربو الحاد وكذلك تغيير العلاج المزمن.
الوقاية من مرض الربو:
كما ذكرنا فان اسباب الربو غير معروفة تماما، وبالتالي لا توجد هناك طريقة واحدة لمنع ظهور مرض الربو وعلاجه تماما. مع ذلك فان السيطرة الجيدة على الربو ممكنه وينصح بها بشدة. الربو هو مرض التهابي، ومع مر السنين تضر هذه العمليات بمجموعة متنوعة من اجهزة الجسم: يمكن ان يتطور مرض انسدادي غير عكسي في الشعب الهوائية (COPD)، وقد وجد انها تؤدي الى زيادة خطر الاصابة بامراض اخرى مثل الازمة القلبية. لهذا السبب من المهم الحرص على تلقي العلاج الدوائي حتى عندما لا تكون هناك نوبات شديدة وعلى اجراء مراقبة منتظمة في عيادات الرئة.